خالف الدكتور أنور أبو طه طارق البشري في تحديد سنة ميلاد الإمام الشوكاني، والتاريخ الذي ذكره هو الأدق عند المؤرخين لسنة ميلاده.
وقد يلحظ القارئ أنه بسبب خطأ طباعي، جعل عمر الألوسي الكبير عاماً أو بضعة أشهر.
لا عجب في ما اقترفه الدكتور أنور أبو طه من سرقة، فقد فعل مثلها أخ له في تلك الحلقة البحثية، هو الدكتور عبدالغني عماد، الأستاذ في الجامعة اللبنانية، الذي استل بحثه المعنون بـ(السلفية وإشكالية الآخر، بين المفاصلة والمفاضلة)، أسطراً من مقال لي عنوانه (مشايخنا ومشايخ الصحوة: نظرات في الإسلام السعودي الحركي) وادعى أنه صاحبها!
ما الذي جعل الدكتور أنور أبو طه يكذب، ويقوّل طارق البشري كلاماً لم يقله؟
الذي جعله يفعل ذلك أنه مؤمن بالقضية التي طرحها الدكتور محمد جمال باروت في بحثه وهي تقسيم السلفية على أساس مديني بدوي إيماناً مفعماً، ومتحمس لها إلى أقصى حد، بدليل أنه اختار من بين ملحوظات الدكتور قاسم القادري على بحث باروت التي بلغ عددها سبع ملحوظات، ملحوظة واحدة، وهي المتعلقة بتلك القضية، ليفردها بالرد.
وليلزم القادري بأن ملحوظته غير صحيحة، ذكر أن القضية قال بها أكثر من دارس وعلى رأسهم طارق البشري. وبما أنه لا يوجد كلام للبشري يسند هذه القضية، وبما أن كلام البشري الذي استخلص منه معنى خاطئا يؤيد القضية، كان هو ما سرقه في بحثه، اضطر أن يلفق كلاماً من عنده وينسبه إلى البشري. فهو قد كذب عليه ليغطي على سرقته منه.
ومن نافلة القول، أن الرد الذي يقوم على مجرد التلويح بأن فلاناً قد قال بهذه الفكرة، ويعتبر ذلك حجة ملزمة، ينبئ عن ذهن بسيط وإدراك محدود وعقلية متواضعة في النقاش والمجادلة والمحاجّة، ولا أنزه الدكتور أنور أبو طه عن مثل هذه الذهنية وهذا الإدراك وهذه العقلية. فبعد كلامه الملفق، أضاف قائلاً:
«أنا أعتقد أنه (يقصد الدكتور باروت) لم يحصر هنا تفسير هذه السلفية من حيث النشأة والتكوين فقط من ناحية سوسيولوجية اجتماعية تاريخية، بمعنى آخر حضارية وريفية، ولكن أراد أن يشير إلى هذه النقطة. أيضا (كذا) - في هذا السياق هو تحدث عن تقسيم حضري ريفي، تحدث في سياق السلفية المعاصرة وليس (كذا) السلفية التاريخية، صحيح أن ابن تيمية عاش في بغداد وهو حضري وهو لم ينطرف (كذا) إلى السلفية المعاصرة. أما سيد قطب الذي عاش في السجن ولم يعش في مصر وأمريكا، السلفية عنده تشكلت في السجن، وكما يقول عبدالله النفيسي عن كتاب معالم في الطريق إنه زنزانة فكرية مغلقة (!) فهو بيئة هذه (كذا) العذابات التي شكلت (كذا) في السجون».
كل هذا الكلام في مجمله وفي تفصيله، لا يتضمن رداً مقنعاً على ملحوظة الدكتور قاسم القادري الرابعة على بحث الدكتور باروت التي عرضنا لها في صدر المقال، للأسباب التالية:
1- أن ما نفاه في أول كلامه عن بحث الدكتور محمد جمال باروت، هو واضح وجلي، فالدكتور باروت يقول: إذا كانت المناطق الحضرية العربية - الإسلامية قد شهدت ازدهار بنية السلفية العامة المرنة أو المفتوحة، فإن المناطق البدوية قد شهدت تكوّن بنية السلفية المذهبية الصلبة أو المغلقة. ولقد ارتبطت البنية الأولى المرنة بحركة الإصلاحيين الإسلاميين، في إطار وطأة إشكالية النهضة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والربع الأول من القرن العشرين. وعبّرت عنها أكثر ما عبرت مدرسة الإمام محمد عبده وقال أيضاً: «كان يجاوز هذه السلفية العامة النهضوية المرنة، التي ازدهرت في وعي نخب البيئة الحضرية العربية الإسلامية، في المغرب والمشرق العربيين، سلفية أخرى، تبلورت في البيئة النجدية البدوية في شبه الجزيرة العربية، وترتبط هذه السلفية باسم ونتاج وعمل مؤسسها الإمام محمد بن عبد الوهاب».
2- في وسط كلامه اُرتج عليه في التعبير فجعل ابن تيمية بغدادياً ثم أتبع هذا الخطأ بجملة غير مفهومة، وهي: وهو لم يتطرف إلى السلفية المعاصرة!
3- نفى أن يكون سيد قطب عاش في القاهرة وفي أمريكا وأحاط الدكتور القادري علماً بأنه عاش في السجون وأن (سلفيته) تكونت في السجن. وأخبره - نقلاً عن النفيسي - أن كتابه معالم في الطريق عبارة عن زنزانة فكرية مغلقة. ولا ندري ما مناسبة هذا الإيضاح الأخير الذي أعوزه للنقل من النفيسي، هل قال الدكتور القادري في ملحوظته الرابعة أن هذا الكتاب كان فسيح الأفق؟!
ولقد قلت في ما تقدم إنه مؤمن بالقضية التي طرحها الدكتور باروت في بحثه إيماناً مفعماً، ومتحمس لها إلى أقصى حد، وهذا الإيمان وهذه الحماسة دفعته إلى أن يوحي لنا، أن الزنازين تكون على نوعين: زنازين مفتوحة وزنازين مغلقة، على طراز تقسيمه هو وباروت للسلفية!
ما ينبغي توضيحه هنا أن كلمة مغلقة هي زيادة منه في وصف النفيسي لكتاب سيد قطب: معالم في الطريق، وأن وصف النفيسي للكتاب بأنه زنزانة فكرية ورد في بحثه (الإخوان المسلمون في مصر: التجربة والخطأ) الذي ضمه كتاب (الحركة الإسلامية: رؤية مستقبلية، أوراق في النقد الذاتي) وضم بحث البشري (الملامح العامة..) وأبحاث لآخرين من الإسلاميين.
إن حشو الدكتور أنور أبو طه رده على الدكتور القادري بمعلومة هي خارج النقاش، يطلعنا على أنه طاب له المقام في البيت - وأعني به كتاب (الحركة الإسلامية..) - الذي سرق فيه من غرفة البشري!
وبالمناسبة فإن أنور أبو طه الذي سرق من طارق البشري ولفّق له كلاماً لم يقله والذي لم يحسن فهم كلامه على وجهه الصحيح قيادي في حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية المتأثرة بفكر الإمام الخميني. والمدعومة من إيران.
____________________
* باحث وكاتب سعودي.
وقد يلحظ القارئ أنه بسبب خطأ طباعي، جعل عمر الألوسي الكبير عاماً أو بضعة أشهر.
لا عجب في ما اقترفه الدكتور أنور أبو طه من سرقة، فقد فعل مثلها أخ له في تلك الحلقة البحثية، هو الدكتور عبدالغني عماد، الأستاذ في الجامعة اللبنانية، الذي استل بحثه المعنون بـ(السلفية وإشكالية الآخر، بين المفاصلة والمفاضلة)، أسطراً من مقال لي عنوانه (مشايخنا ومشايخ الصحوة: نظرات في الإسلام السعودي الحركي) وادعى أنه صاحبها!
ما الذي جعل الدكتور أنور أبو طه يكذب، ويقوّل طارق البشري كلاماً لم يقله؟
الذي جعله يفعل ذلك أنه مؤمن بالقضية التي طرحها الدكتور محمد جمال باروت في بحثه وهي تقسيم السلفية على أساس مديني بدوي إيماناً مفعماً، ومتحمس لها إلى أقصى حد، بدليل أنه اختار من بين ملحوظات الدكتور قاسم القادري على بحث باروت التي بلغ عددها سبع ملحوظات، ملحوظة واحدة، وهي المتعلقة بتلك القضية، ليفردها بالرد.
وليلزم القادري بأن ملحوظته غير صحيحة، ذكر أن القضية قال بها أكثر من دارس وعلى رأسهم طارق البشري. وبما أنه لا يوجد كلام للبشري يسند هذه القضية، وبما أن كلام البشري الذي استخلص منه معنى خاطئا يؤيد القضية، كان هو ما سرقه في بحثه، اضطر أن يلفق كلاماً من عنده وينسبه إلى البشري. فهو قد كذب عليه ليغطي على سرقته منه.
ومن نافلة القول، أن الرد الذي يقوم على مجرد التلويح بأن فلاناً قد قال بهذه الفكرة، ويعتبر ذلك حجة ملزمة، ينبئ عن ذهن بسيط وإدراك محدود وعقلية متواضعة في النقاش والمجادلة والمحاجّة، ولا أنزه الدكتور أنور أبو طه عن مثل هذه الذهنية وهذا الإدراك وهذه العقلية. فبعد كلامه الملفق، أضاف قائلاً:
«أنا أعتقد أنه (يقصد الدكتور باروت) لم يحصر هنا تفسير هذه السلفية من حيث النشأة والتكوين فقط من ناحية سوسيولوجية اجتماعية تاريخية، بمعنى آخر حضارية وريفية، ولكن أراد أن يشير إلى هذه النقطة. أيضا (كذا) - في هذا السياق هو تحدث عن تقسيم حضري ريفي، تحدث في سياق السلفية المعاصرة وليس (كذا) السلفية التاريخية، صحيح أن ابن تيمية عاش في بغداد وهو حضري وهو لم ينطرف (كذا) إلى السلفية المعاصرة. أما سيد قطب الذي عاش في السجن ولم يعش في مصر وأمريكا، السلفية عنده تشكلت في السجن، وكما يقول عبدالله النفيسي عن كتاب معالم في الطريق إنه زنزانة فكرية مغلقة (!) فهو بيئة هذه (كذا) العذابات التي شكلت (كذا) في السجون».
كل هذا الكلام في مجمله وفي تفصيله، لا يتضمن رداً مقنعاً على ملحوظة الدكتور قاسم القادري الرابعة على بحث الدكتور باروت التي عرضنا لها في صدر المقال، للأسباب التالية:
1- أن ما نفاه في أول كلامه عن بحث الدكتور محمد جمال باروت، هو واضح وجلي، فالدكتور باروت يقول: إذا كانت المناطق الحضرية العربية - الإسلامية قد شهدت ازدهار بنية السلفية العامة المرنة أو المفتوحة، فإن المناطق البدوية قد شهدت تكوّن بنية السلفية المذهبية الصلبة أو المغلقة. ولقد ارتبطت البنية الأولى المرنة بحركة الإصلاحيين الإسلاميين، في إطار وطأة إشكالية النهضة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والربع الأول من القرن العشرين. وعبّرت عنها أكثر ما عبرت مدرسة الإمام محمد عبده وقال أيضاً: «كان يجاوز هذه السلفية العامة النهضوية المرنة، التي ازدهرت في وعي نخب البيئة الحضرية العربية الإسلامية، في المغرب والمشرق العربيين، سلفية أخرى، تبلورت في البيئة النجدية البدوية في شبه الجزيرة العربية، وترتبط هذه السلفية باسم ونتاج وعمل مؤسسها الإمام محمد بن عبد الوهاب».
2- في وسط كلامه اُرتج عليه في التعبير فجعل ابن تيمية بغدادياً ثم أتبع هذا الخطأ بجملة غير مفهومة، وهي: وهو لم يتطرف إلى السلفية المعاصرة!
3- نفى أن يكون سيد قطب عاش في القاهرة وفي أمريكا وأحاط الدكتور القادري علماً بأنه عاش في السجون وأن (سلفيته) تكونت في السجن. وأخبره - نقلاً عن النفيسي - أن كتابه معالم في الطريق عبارة عن زنزانة فكرية مغلقة. ولا ندري ما مناسبة هذا الإيضاح الأخير الذي أعوزه للنقل من النفيسي، هل قال الدكتور القادري في ملحوظته الرابعة أن هذا الكتاب كان فسيح الأفق؟!
ولقد قلت في ما تقدم إنه مؤمن بالقضية التي طرحها الدكتور باروت في بحثه إيماناً مفعماً، ومتحمس لها إلى أقصى حد، وهذا الإيمان وهذه الحماسة دفعته إلى أن يوحي لنا، أن الزنازين تكون على نوعين: زنازين مفتوحة وزنازين مغلقة، على طراز تقسيمه هو وباروت للسلفية!
ما ينبغي توضيحه هنا أن كلمة مغلقة هي زيادة منه في وصف النفيسي لكتاب سيد قطب: معالم في الطريق، وأن وصف النفيسي للكتاب بأنه زنزانة فكرية ورد في بحثه (الإخوان المسلمون في مصر: التجربة والخطأ) الذي ضمه كتاب (الحركة الإسلامية: رؤية مستقبلية، أوراق في النقد الذاتي) وضم بحث البشري (الملامح العامة..) وأبحاث لآخرين من الإسلاميين.
إن حشو الدكتور أنور أبو طه رده على الدكتور القادري بمعلومة هي خارج النقاش، يطلعنا على أنه طاب له المقام في البيت - وأعني به كتاب (الحركة الإسلامية..) - الذي سرق فيه من غرفة البشري!
وبالمناسبة فإن أنور أبو طه الذي سرق من طارق البشري ولفّق له كلاماً لم يقله والذي لم يحسن فهم كلامه على وجهه الصحيح قيادي في حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية المتأثرة بفكر الإمام الخميني. والمدعومة من إيران.
____________________
* باحث وكاتب سعودي.